الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
محمد بن صالح العثيمين مجموع فتاوى ورسائل - 7 المقدمة الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليمًا. أما بعد: فهذه مختارات من كتاب (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) الذي ألفه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وقد ابتدأنا قراءته من ذي القعدة من عام ستة وتسعين وثلاثمائة وألف نسأل الله أن ينفعنا به وقد أشرنا فيها إلى رقم الصفحات من الطبعة الثانية مطبعة السنة المحمدية على نفقة منصور بن عبد العزيز آل سعود، وإذا كتبنا النقط.. فمعناه أن في الكلام حذفًا تعمدناه لعدم الحاجة إليه، وربما نغير لفظ المؤلف اختصارًا، وإذا قلنا: قلت، فالكلام بعده من عندنا، وإذا جعلنا كلمة بين قوسين ولم تكن نص كتاب أو سنة فهي زيادة من عندنا نسأل الله تعالى أن ينفعنا والمسلمين به إنه جواد كريم. بقلم محمد بن صالح العثيمين
قال المؤلف رحمه الله تعالى 1. 1. وبعد فإني قد نهيت إما مبتدئًا وإما مجيبًا عن التشبه بالكفار في أعيادهم، وأخبرت ببعض ما في ذلك من الأثر القديم والدلالة الشرعية، وبينت بعض حكمة الشرع في مجانبة هدي الكفار.. ثم بلغني أن من الناس من استغرب بعض الأصحاب أن أعلق في ذلك ما يكون فيه إشارة إلى أصل هذه المسألة، لكثرة ذلك واستبعده لمخالفة عادة قد نشؤوا عليها، وتمسكوا في ذلك بعمومات وإطلاقات اعتمدوا عليها، فاقتضاني فائدتها وعموم المنفعة بها، ولما قد عم كثيرًا من الناس من الابتلاء في ذلك حتى صاروا إيماءات الشرع ومقاصده وعلل الفقهاء ومسائلهم يشك في ذلك، بل لم أكن أظن أن من وقر الإيمان في قلبه، وخلص إليه حقيقة الإسلام، وأنه دين الله الذي لا يقبل من أحد في نوع جاهلية. 2. 2. ولم أكن أظن أن من خاض في الفقه ورأى سواه إذا نبه على هذه النكتة (يعني نكتة مخالفة هدي الكفار) إلا كانت حياة قلبه وصحة إيمانه توجب استيقاظه بأسرع تنبيه، ولكن نعوذ بالله من رين القلوب وهوى النفوس اللذين يصدان عن معرفة الحق واتباعه. 5.وجماع ذلك أن كفر اليهود أصله من جهة عدم العمل بعلمهم، فهم يعلمون الحق ولا يتبعونه، وكفر النصارى من جهة عملهم بلا علم،
فهم يجتهدون في أصناف العبادات بلا شريعة من الله، ولهذا كان السلف كسفيان بن عيينة وغيره يقولون:(1) 6.وأنا أشير إلى بعض أمور أهل الكتاب والأعاجم التي ابتليت بها هذه الأمة، ليتجنب المسلم الحنيف الانحراف عن الصراط المستقيم إلى صراط المغضوب عليهم أو الضالين. أ- أ- الحسد: قال الله تعالى:
7.البخل: قال الله تعالى: 8.عدم الانقياد للحق إذا خالف متبوعه : قال الله تعالى: 8. تحريف الكلم عن مواضعه: قال الله تعالى: 9.الغلو في المخلوقين: قال الله تعالى: ح .طاعة المخلوقين في مخالفة أحكام الله : قال الله تعالى: خ.الرهبانية: قال الله تعالى:
10/د - بناء المساجد على القبور: قال الله تعالى:
ذ - التدين بالأصوات المطربة والصور الجميلة : فإن الضالين عامة دينهم يقوم بذلك فلا يهتمون في دينهم بأكثر من تلحين الأصوات ثم تجد هذه الأمة ابتليت من اتخاذ السماع المطرب بسماع القصائد والصور والأصوات الجميلة لإصلاح القلوب والأحوال ما فيه مضاهاة لبعض حال الضالين. ر- تضليل كل طائفة للأخرى: قال الله تعالى: وأما مشابهة فارس والروم فقد دخل منه في هذه الأمة ما لا يخفى على عليم بالإسلام وما حدث فيه. 1- 1- الصراط المستقيم أمور باطنة في القلب من اعتقادات وإرادات وغير ذلك وأمور ظاهرة من أقوال وأفعال قد تكون عبادات، وقد تكون عادات في الطعام واللباس والنكاح والمسكن والاجتماع والافتراق والسفر والإقامة والركوب وغير ذلك، وبين هذه الأمور الباطنة والظاهرة ارتباط ولابد، فإن ما يقوم بالقلب من الشعور والأحوال يوجب أمورًا ظاهرة، وما يقوم بالظاهر من الأعمال يوجب للقلب شعورًا وأحوالًا. وقد بعث الله عبده ورسوله محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ .. فكان من الحكمة أن شرع له من الأعمال والأقوال ما يباين سبيل المغضوب عليهم والضالين، وأمر بمخالفتهم في الهدى الظاهر، وإن لم يظهر لكثير من الخلق في ذلك مفسدة، لأمور منها: أ- أ- أن المشاركة في الهدى الظاهر تورث تناسبًا وتشاكلًا بين المتشابهين يقود إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال. ب- ب- أن المخالفة في الهدى الظاهر توجب مباينة تقتضي الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال .. ومتى كان القلب أتم حياة وأعرف بالإسلام الذي هو الإسلام.. كان إحساسه بمفارقة اليهود والنصارى باطنًا وظاهرًا أتم، وبعده عن أخلاقهم الموجودة في بعض المسلمين أشد. ج - أن مشاركتهم في الهدى الظاهر توجب الاختلاط الظاهر حتى يرتفع التمييز ظاهرًا بين المهديين المرضيين وبين المغضوب عليهم والضالين. هذا إذا لم يكن الهدى الظاهر إلا مباحًا محضًا لو تجرد عن مشابهتهم، فأما إن كان من موجبات كفرهم فإنه يكون شعبة من شعب الكفر، فموافقتهم فيه موافقة في نوع من أنواع معاصيهم. 12 12 - لأمر بموافقة قوم في شيء: إما أن يكون من أجل أن ذلك الشيء مصلحة في نفسه، وإما أن يكون من أجل أن قصد موافقتهم فيه مصلحة، وإن لم يكن في الشيء نفسه مصلحة. 13 13 - الأول مقصود في نفسه والتعبير عنه بالموافقة من باب الدلالة والتعريف بمعنى أن موافقتهم فيه دليل على المصلحة. والثاني مقصود لغيره فإننا نعلم انتفاعنا بنفس متابعتنا للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار في أعمال لولا أنهم فعلوها لربما لا يكون لنا فيها منفعة، لكن متابعتنا لهم فيها تورث محبتهم وائتلاف قلوبنا بقلوبهم، وتدعونا إلى موافقتهم في أمور أخرى. وقد يكون الأمر بالموافقة من أجل الأمرين جميعًا مصلحة الشيء في نفسه، ومصلحة قصد اتباعهم فيه وهذا هو الغالب على ما أمر بالموافقة فيه.
والأمر بمخالفة قوم في شيء له نفس التقسيم السابق فإننا قد نتضرر بموافقة الكافرين في أعمال لولا أنهم فعلوها لم يكن علينا ضرر بها. 14-قال الله تعالى: 19- المعروف: اسم جامع لكل ما يحبه الله من الإيمان والعمل الصالح، والمنكر: اسم جامع لكل ما كرهه الله ونهى عنه. 20- 20- الزكاة: وإن كانت قد صارت حقيقة عرفية في الزكاة المفروضة فإنها اسم لكل نفع للخلق من نفع بدني أو مالي. الصلاة: تعم المفروضة والتطوع، وقد يدخل فيها كل ذكر لله تعالى قلت : بناء على أنها من الصلة، وكل ذكر لله تعالى فهو صلة به قال ابن مسعود: (2)
21- 21- وقد قيل: إن قوله: 25- 25- فساد الدين إما أن يقع بالاعتقاد الباطل والتكلم به كالبدع ونحوها، وإما أن يقع بالعمل بخلاف الاعتقاد الحق كفسق الأعمال ونحوها. 36- 36- والاختلاف على ما ذكره الله في القرآن قسمان: *أحدهما:يذم الطائفتين جميعًا كما في قوله تعالى: 37- 37- وهذا الاختلاف يكون سببه تارة فساد النية لما في النفوس من البغي والحسد وإرادة العلو ونحو ذلك، وتارة جهل المختلفين بحقيقة الأمر الذي يتنازعان فيه، أو الجهل بالدليل الذي يرشد به أحدهما اآأخر، أو جهل أحدهما بما مع الآخر من الحق. الاختلاف في الأصل قسمان: اختلاف تنوع واختلاف تضاد، واختلاف التنوع على وجوه: أ- أن يكون كل واحد من القولين أو الفعلين حقًا مشروعًا كاختلاف القراءات وصفة الأذان والإقامة وغيرها مما شرع جميعه، وإن كان قد يقال: إن بعض أنواعه أفضل، ثم نجد لكثير من الأمة من الاختلاف مما أوجب اقتتال طوائف منهم وهذا عين المحرم، ومن لم يبلغ مبلغ الاقتتال فإن في قلبه من الهوى لأحد هذه الأنواع والإعراض عن الآخر أو النهي عنه ما دخل به فيما نهى عنه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ. 38/ب - أن يكون كل واحد من القولين هو معنى القول الآخر لكن اختلفا في العبارة: كالاختلاف في ألفاظ المدود والتعريفات ونحوها ولكن الجهل والظلم يحمل إحدى الطائفتين على ذم الأخرى. 22/ج - أن يكون كل واحد من القولين غير الآخر في المعنى لكن لا ينافيه ثم يحصل الاختلاف و النزاع الكثير. 38/د - أن تكون طريقتان كلتاهما مشروعة حسنة في الدين لكن سلك رجل أو قوم طريقة وسلك رجل أو قوم الطريقة الأخرى ثم يحصل الاختلاف والنزاع. والجهل أو الظلم يحمل على ذم أحدهما أو تفضيله بلا قصد صالح أو بلا علم أو بلا نية. 39- 39- وهذا القسم الذي سميناه اختلاف التنوع كل واحد من المختلفين مصيب فيه بلا تردد، لكن الذم واقع على من بغى فيه على الآخر وفي (ص40) أن أكثر الاختلاف الذي يؤول إلى الاختلاف بين الأمة وإلى العداوة والبغضاء وسفك الدماء واستباحة الأموال من هذا القسم. 38- أما اختلاف التضاد فهو أن يكون كل واحد من القولين منافيًا للآخر.. فهذا الخطب فيه أشد، فإنك تجد كثيرًا من هؤلاء المتنازعين يكون في قول منازعه حق وباطل فيرد القول كله، فيصير مبطلًا في بعض رده كما كان منازعه مبطلًا في بعض قوله كما رأيته لكثير من أهل السنة في مسائل القدر والصفات والصحابة، ولكثير من الفقهاء في مسائل الفقه، أما أهل البدعة فالأمر فيهم ظاهر. 39 - القسم الثاني من الاختلاف الذي ذكره في القرآن فهو ما حمدت فيه إحدى الطائفتين وهم المؤمنون وذمت الأخرى كما في قوله تعالى: 41- ثم الاختلاف قد يكون في التنزيل والحروف كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه (يعني السابق في الأصل (ص 35) حين سمع رجلًا يقرأ آية سمع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقرأ بخلافها فأخذ بيده إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وذكر له ذلك فعرف في وجهه الكراهية، وقال: كلاكما محسن ولا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا). وقد يكون الاختلاف في التأويل وفي (ص43) وأكثر ما يكون ذلك لوقوع المنازعة في الشيء قبل إحكامه وجمع حواشيه وأطرافه. 44- فعلم أن مشابهة هذه الأمة لليهود والنصارى وفارس والروم مما ذمّه الله ورسوله، ولا يقال: فإذا كان الكتاب والسنة قد دلا على وقوع ذلك فما فائدة النهي عنه ؟ *(والجواب) أن الكتاب والسنة أيضًا قد دلا على أنه لا يزال في هذه الأمة طائفة متمسكة بالحق، ففي النهي عن ذلك تكثير لهذه الطائفة وتثبيتها وزيادة إيمانها، وأيضًا لو فرض أن الناس وقعوا في هذه المشابهة لكان فائدة النهي عنها العلم بكراهة الله لها والإيمان بذلك، وهذا خير وإن لم يعمل به وفي (ص45) فإن الرجل قد يستغفر من الذنب مع إصراره عليه أو يأتي بحسنات تمحوه أو تمحو بعضه أو تقلل منه أو تضعف همته في طلبه إذا علم أنه منكر. 45- ثم لو فرض أن الناس لا يتركون المنكر، ولا يعترفون بأنه منكر فليس هذا مانعًا من إبلاغ الرسالة وبيان العلم، بل لا يسقط وجوب الإبلاغ ولا وجوب الأمر والنهي في إحدى الروايتين عن أحمد، وهو قول كثير من أهل العلم، ولله الحمد على ما أخبر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أنه لا تزال من أمته طائفة ظاهرة على الحق حتى يأتي أمر الله . وليس هذا من خصائص هذه المسألة بل هو وارد في كل منكر أخبر الصادق بوقوعه. 50-والموالاة والموادة وإن كانت متعلقة بالقلب لكن المخالفة في الظاهر أعون على مقاطعة الكافرين ومباينتهم. ومشاركتهم في الظاهر إن لم تكن ذريعة أو سببًا قريبًا أو بعيدًا إلى نوع ما من الموالاة والموادة فليس فيها مصلحة المقاطعة والمباينة، مع أنها تدعو إلى نوع ما من المواصلة كما توجبه الطبيعة وتدل عليه العادة، ولهذا كان السلف رضي الله عنهم يستدلون بهذه الآيات على ترك الاستعانة بهم في الولايات، فروى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قلت لعمر رضي الله عنه: إن لي كاتبًا نصرانيًا قال: مالك قاتلك الله أما سمعت الله يقول:
قال: لا أكرمهم إذ أهانهم الله ولا أعزهم إذ أذلهم الله ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله . 51- الفعل المأمور به إذا عبر عنه بلفظ مشتق من معنى أعم ، فلابد أن يكون ما منه الاشتقاق أمرًا مطلوبًا وذلك لوجوه: 51/أ - أن الأمر إذا تعلق باسم مشتق من معنى كان ذلك المعنى علة الحكم كما في قوله تعالى : {فاقتلوا المشركين} فعلة القتل الشرك، لأن المشركين اسم مشتق منه. 51/ ب - أن جميع الأفعال مشتقة فإذا أمر بفعل كان نفس مصدر الفعل أمرًا مطلوبًا للآمر كما في قوله تعالى: {وأحسنوا} فالإحسان أمر مطلوب للآمر. 55/ج - أن العدول عن لفظ الفعل الخاص به إلى لفظ أعم منه في المعنى لابد أن يكون له فائدة : كالعدول عن لفظ: فاصبغوا إلى فخالفوهم وإلا لكان مطابقة اللفظ الخاص أولى من إطلاق لفظ عام يراد به الخاص. 55/د- أن العلم بالعام يقتضي العلم بالخاص والقصد للمعنى العام يوجب قصد المعنى الخاص فإذا علمت الأمر بمخالفة الكفار وعلمت أنهم لا يصبغون علمت الأمر بالصبغ لدخوله في المعنى العام وهو المخالفة.
56/هـ - أنه رتب الحكم على الوصف بالفاء (فخالفوهم) فدل على أنه علة الحكم، يوضحه أنه لو لم يكن لقصد مخالفتهم تأثير في الصبغ لم يكن لذكرهم فائدة، ولا اكتفى بقوله اصبغوا. وهذا وإن دل على أن مخالفتهم أمر مقصود للشرع، فإنه لا ينفي أن يكون في نفس المخالفة مصلحة مقصودة مع مصلحة مخالفتهم وذلك أن هنا شيئين: · · أحدهما: أن نفس مخالفتهم مصلحة ومنفعة لعباد الله المؤمنين، لما فيها من المجانبة والمباعدة التي توجب النفور من أعمال أهل الجحيم، ولا يظهر شيء من هذه المصلحة إلا لمن تنور قلبه حتى رأى ما اتصف به المغضوب عليهم والضالون من مرض القلب الذي ضرره أشد من ضرر أمراض الأبدان. · · الثاني : أن نفس ما هم عليه من المنهج والخلق قد يكون ضارًا أو منقصًا فيُنهى عنه ويؤمر بضده لما فيه من النفع والكمال فليس شيء من أمورهم إلا وهو ضار أو ناقص.. ولا يتصور أن يكون شيء من أمورهم كاملًا قط. 57 57- تى ما هم عليه من إتقان أمور دنياهم قد يكون ضارًا بآخرتنا أو بما هو أهم منه من أمر دنيانا فالمخالفة فيها صلاح لنا. 57 57 - الكفر مرض القلب ومتى كان القلب مريضًا لم يصح شيء من الأعضاء صحة مطلقة، وإنما الصلاح أن لا تشابه مريض القلب في شيء من أموره، وإن خفي عليك مرض في ذلك العضو فإنه يكفيك أن تعلم أن فساد الأصل لابد أن يؤثر في الفرع، ومن انتبه لهذا قد يعلم بعض الحكمة التي أنزلها الله، ومن في قلبه مرض قد يرتاب في الأمر بنفس المخالفة لعدم استبانته لفائدته.
52 - فإن قيل : الأمر بالمخالفة أمر بالحقيقة المطلقة وذلك لا عموم فيه، بل تكفي فيه المخالفة بأمر ما قلت : هذا سؤال يورده بعض المتكلمين في عامة الأفعال المأمور بها، ويلبسون به على الفقهاء وجوابه من وجهين: · · أحدهما: أن المخالفة ونحوها قد يكون العموم فيها من جهة عموم الكل لأجزائه لا من جهة عموم الجنس لأنواعه، فإن العموم ثلاثة أقسام: 1- 1- عموم الكل لأجزائه وهو ما لا يصدق فيه الاسم العام ولا أفراده على جزئه في الأعيان والأفعال والصفات مثل: الوجه فإنه عام لأجزائه من العينين والخدين والفم والأنف ولا يصدق اسم الوجه على واحد منها، ومثل إذا قيل : أكرم زيدًا فأطعمه وضربه لم يكن ممتثلًا لأن الإكرام المطلق يقتضي أن لا يسوءه بشيء وإذا قيل : خالفوهم فإن المخالفة المطلقة تقتضي أن لا يوافقهم في شيء. 54-2- عموم الجمع لأفراده وهو ما يصدق فيه أفراد الاسم العام على آحاده مثل (المسلمين) فإن فرده وهو مسلم يصدق على كل واحد من المسلمين. 3- عموم الجنس لأنواعه وأعيانه وهو ما يصدق فيه الاسم العام على أفراده مثل قوله تعالى:
بقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: · · الوجه الثاني: العموم المعنوي وهو أن المخالفة مشتقة وإنما أمر بها لمعنى كونها مخالفة وذلك ثابت في كل فرد من أفراد المخالفة. 55- فإن قيل : هذا يدل على أن جنس المخالفة أمر مقصود للشارع وقصد الجنس قد يحصل الاكتفاء فيه بالمخافة في بعض الأمور فما زاد على ذلك لا حاجة إليه. قلنا: إذا ثبت أن الجنس مقصود في الجملة كان ذلك حاصلًا في كل فرد من أفراده، ولو فرض أن الوجوب سقط بالبعض لم يرفع حكم الاستحباب عن الباقي. 58- وإذا نهى عن التشبه بهم في بقاء بياض الشيب الذي ليس من فعلنا، فلأن يُنهى عن إحداث التشبه بهم أولى، ولهذا كان هذا التشبه بهم يكون محرمًا بخلاف الأول. 62- ثم المخالفة تارة تكون في أصل الحكم وتارة تكون في وصفه فمجانبة الحائض مثلًا مخالفة في الوصف لا في الحكم. 64- ولهذا نهى عن الصلاة إلى ما عبد من دون الله في الجملة، وإن لم يكن العابد يقصد ذلك فنهي عن السجود لله بين يدي الرجل، لما فيه من مشابهة السجود لغير الله. 66- ونهى عن الصلاة إلى ما عبد من دون الله كالنار ونحوها. 67- الحكم إذا علل بعلة ثم نسخ مع بقاء العلة، فلابد أن يكون غيرها
ترجح عليها وقت النسخ أو ضعف تأثيرها، أما أن تكون في نفسها باطلة فهذا محال. 70- لكن ليس كل من قامت به شعبة من شعب الكفر يصير كافرًا الكفر المطلق حتى تقوم به حقيقة الكفر، وفرق بين الكفر المعرف باللام كما في قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : 72- وعن سراقة بن مالك قال: خطبنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: 72- الانتساب إلى الاسم الشرعي أحسن من الانتساب إلى غيره ألا ترى إلى ما رواه أبو داود عن أبي عقبة وكان مولى من أهل فارس قال: 76- ولهذا كان الصحيح أن حرمة القتال في البلد الحرام باقية بخلاف الشهر الحرام.
77- إذا قال خلاف الحق عالمًا بالحق أو غير عالم فهو جاهل، وكذلك من عمل بخلاف الحق فهو جاهل، وإن علم أنه مخالف للحق وسبب ذلك أن العلم الحقيقي الراسخ في القلب يمتنع أن يصدر معه ما يخالفه من قول أو فعل، فمتى صدر خلافه فلابد من غفلة القلب عنه أو ضعفه عن مقاومة ما يعارضه. 79- وقوله في الحديث: ومبتغ في الإسلام سنة جاهلية، يندرج فيه كل جاهلية مطلقة أو مقيدة يهودية أو نصرانية أو مجوسية أو غيرها فإن جميعها مبتدعها ومنسوخها صارت جاهلية بمبعث محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ. 82- ألا ترى أن متابعة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في أعمالهم أنفع وأولى من متابعتهم في مساكنهم ورؤية آثارهم. ذكر ما رواه أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: 83- والتشبه يعم من فعل الشيء لأنهم فعلوه، وهو نادر ومن تبع غيره في فعل لغرض له في ذلك إذا كان أصل الفعل مأخوذًا عن ذلك الغير،
فأما من فعل الشيء واتفق أن الغير فعله أيضًا ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه ففي كون هذا تشبهًا نظر، لكن قد ينهى عن هذا لئلا يكون ذريعة إلى التشبه ولما فيه من المخالفة. 84- قال حرب الكرماني: قلت لأحمد: هذه النعال الغلاظ قال: (هذه السندية إذا كانت للوضوء أو للكنيف أو لموضع ضرورة فلا بأس (وكأنه كره أن يمشي بها في الأزقة، وفي رواية المر وذي: قال: وأما من أراد الزينة فلا، ورأى على باب المخرج نعلًا سنديًا فقال: تتشبه بأولاد الملوك؟ 87- وهذا دليل على ما أجمع عليه المسلمون إلا من شذ من بعض المتأخرين المخالفين المسبوقين بالإجماع من أن مواقيت الصوم والفطر والنسك إنما تكون بالرؤية عند إمكانها لا بالكتاب والحساب الذي تسلكه الأعاجم من الروم والفرس والقبط والهند وأهل الكتاب من اليهود والنصارى، وقد روى غير واحد من أهل العلم أن أهل الكتابين قبلنا إنما أمروا بالرؤية أيضًا في صومهم وعبادتهم، ولكنهم بدلوا قلت: ويؤيده قوله تعالى:
89- فما كان من زي اليهود الذي لم يكن عليه المسلمون، إما أن يكون مما يعذبون عليه أو مظنة ذلك، أو يكون تركه حسمًا لمادة ما عذبوا عليه، لا سيما إذا لم يتميز ما هو الذي عذبوا عليه من غيره فإنه يكون قد اشتبه المحظور بغيره فيترك الجميع، كما أن ما يخبرون به لما اشتبه صدقه بكذبه ترك الجميع. 93- وما ذكره أنس من التخفيف فهو بالنسبة إلى ما كان يفعله بعض الأمراء وغيرهم في قيام الصلاة، فإن منهم من كان يطيل زيادة على ما كان عليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يفعله في غالب الأوقات ويخفف الركوع والسجود والاعتدال عما كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يفعله في غالب الأوقات، ولعل أكثر الأئمة أو كثيرًا منهم كانوا يفعلون كذلك. 94-95 وروى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه :
97- ثم إن عرض حال عرف منها إيثار المأمومين للزيادة على ذلك فحسن ، فإنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ: 99- ذكر أن التخفيف قد فسره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بفعله وأمره ثم قال: وليس الفعل في الصلاة من العادات كالإحراز والقبض والاصطياد وإحياء الموات حتى يرجع في حده إلى عرف اللفظ بل هو من العبادات، والعبادات يرجع في صفاتها ومقاديرها إلى الشارع كما يرجع في أصلها إلى الشارع ولو جاز الرجوع فيه إلى عرف الناس في الفعل أو في مسمى التخفيف لاختلفت الصلاة الشرعية الراتبة التي أمرنا بها في غالب الأوقات عند عدم المعارضات المقتضية للطول أو القصر اختلافًا متباينًا لا ضبط له ولكان لكل أهل عصر ومصر بل لكل أهل حي وسكة بل لأهل كل مسجد عرف في معنى اللفظ وفي عادة الفعل مخالف لعرف الآخرين وهذا مخالف لأمر الله ورسوله، حيث قال: صلوا كما رأيتموني أصلي. ولم يقل : كما يسميه أهل أرضكم خفيفًا أو كما يعتادونه وما أعلم أحدًا من العلماء يقول ذلك فإنه يفضي إلى تغيير الشريعة وموت السنن إما بزيادة وإما بنقص. 102- وعن سليمان بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ما صليت وراء أحد أشبه بصلاة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من فلان قال سليمان: كان يطيل الركعتين الأوليين من الظهر ويخفف الأخيرتين ويخفف العصر ويقرأ في المغرب بقصار المفصل ويقرأ في العشاء بأواسط المفصل ويقرأ في الصبح بطوال المفصل. رواه النسائي وابن ماجه وهو إسناد على شرط مسلم. 103- وأما ما في حديث أنس رضي الله عنه من قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : 105- وأما السياحة التي هي الخروج في البرية لغير قصد معين فليست من عمل هذه الأمة، ولهذا قال الإمام أحمد: (3)
والغرض بيان ما جاءت به الحنيفية من مخالفة اليهود فيما أصابهم من القسوة عن ذكر الله وعما أنزل من الهدى الذي به حياة القلوب ومخالفة النصارى فيما هم عليه من الرهبانية المبتدعة، وإن كان قد ابتلي بعض المنتسبين منا إلى علم أو دين بنصيب من هذا ومن هذا ففيهم شبه بهؤلاء وهؤلاء. 106- ومن ذلك أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ حذرنا عن مشابهة من كان قبلنا أنهم كانوا يفرقون في الحدود بين الأشراف والضعفاء، وإن كثيرًا من ذوي الرأي والسياسة، قد يظن أن إعفاء الرؤساء أجود في السياسة. 109- ثم من المعلوم ما ابتلي به كثير من هذه الأمة من بناء المساجد على القبور، واتخاذ القبور مساجد بلا بناء، وكلا الأمرين محرم ملعون فاعله بالمستفيض من السنة. 111- تحت سياق فوائد خطبة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم عرفة قال: فقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: 113- نهي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الذبح بالظفر معللًا بأنها مُدى الحبشة، كما علل السن بأنه عظم، فذهب أهل الرأي إلى أن علة النهي كون الذبح بهما يشبه الخنق أو هو مظنته والمنخنقة محرمة وسوغوا على هذا الذبح
بهما إذا كانا منزوعين والجمهور منعوا من ذلك مطلقًا، لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ استثناهما مما أنهر الدم، ولأن العلة التي ذكروها مخالفة لتعليل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المنصوص عليه في الحديث. 116- فقد تبين لك أن من أصل دروس دين الله وشرائعه وظهور الكفر والمعاصي التشبه بالكافرين، كما أن أصل كل خير المحافظة على سنن الأنبياء وشرائعهم، ولهذا عظم وقع البدع في الدين وإن لم يكن فيها تشبه بالكفار فكيف إذا جمعت الوصفين. 118- وهذا يقتضي نهيه عن كل ما هو من أمر اليهود والنصارى هذا مع أن قرن اليهود يقال: إن أصله مأخوذ عن موسى عليه الصلاة والسلام، وإنه كان يضرب بالبوق في عهده، وأما ناقوس النصارى فمبتدع إذ عامة شرائع النصارى أحدثها أحبارهم ورهبانهم. 120- وفي الصحيحين عن أبي عثمان النهدي قال: 121- شروط أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وغيره من الأئمة على أهل الذمة فيما شرطه أهل الذمة على أنفسهم 122- وهذه الشروط أشهر شيء في كتب الفقه والعلم، وهي مجمع عليها في الجملة بين العلماء من الأئمة المتبوعين وأصحابهم وسائر الأئمة وهي أصناف، فمنها ما مقصوده التميز عن المسلمين في الشعور واللباس والأسماء والمراكب ونحوها، ليتميز المسلم من الكافر ولا يشبه أحدهما الآخر في الظاهر، ولم يرض عمر رضي الله عنه والمسلمون بأصل التمييز بل بالتمييز في عامة الهدى على تفاصيل معروفة في غير هذا الموضع. وذلك يقتضي إجماع المسلمين على التميز عن الكفار ظاهرًا.
123-وروى أبو الشيخ الأصفهاني في شروط أهل الذمة بإسناده أن عمر رضي الله عنه كتب أن لا تكاتبوا أهل الذمة فيجري بينكم وبينهم المودة ولا تكنوهم وأذلوهم ولا تظلموهم .. وروى أيضًا بإسناده: دخل ناس من بني تغلب قال: أو لستم من أواسط العرب؟ قالوا : نحن نصارى قال: علي بجلم - والجلم المقص - فأخذ من نواصيهم وألقى العمائم وشق من رداء كل واحد شبرًا يحتزم به ، وقال: لا تركبوا السروج واركبوا على الأكف ودلوا أرجلكم من شق واحد. 124- ومن الشروط ما يعود بإخفاء منكرات دينهم كمنعهم من إظهار الخمر والناقوس والنيران والأعياد ونحو ذلك. ومنها ما يعود بإخفاء شعائر دينهم كأصواتهم بكتابهم. فاتفق عمر رضي الله عنه والمسلمون معه وسائر العلماء بعده ومن وفقه الله من ولاة الأمور على منعهم من أن يظهروا بدار الإسلام شيئًا مما يختصون به مبالغة في أن لا يظهروا في دار الإسلام خصائص المشركين، فكيف إذا عملها المسلمون وأظهروها هم. ومنها ما يعود بترك إكرامهم وإلزامهم الصغار الذي شرعه الله تعالى. ومن المعلوم أن تعظيم أعيادهم ونحوها بالموافقة فيها هو نوع من إكرامهم فإنهم يفرحون بذلك ويسرون به. 124- في قصة المرأة التي سألت أبا بكر رضي الله عنه قالت: 125- كل ما اتخذ من عبادة مما كان عليه أهل الجاهلية ولم يشرع الله التعبد به في الإسلام، وإن لم ينوه عنه بعينه كالمكاء والتصدية فاتخاذ هذا قربة وطاعة من عمل الجاهلية الذي لم يشرع في الإسلام بخلاف السعي بين الصفا والمروة وغيره من شعائر الحج فإن ذلك من شعائر الله، وإن كان أهل الجاهلية قد يفعلون ذلك في الجملة قلت: وبهذا علم أن ما اتخذه الكفار عبادة ينقسم ثلاثة أقسام: أحدها: ما نوه الله بذمه أو رسوله كالمكاء والتصدية فأمره واضح. الثاني: ما ثبت كونه من شعائر الله كالسعي بين الصفا والمروة فهو من شرع الله ولا يبطله تعبد الكفار به. الثالث: ما لم يكن من القسمين فيلحق بالقسم الأول المنهي عنه لما فيه من مشابهة الكفار. 126- وروى الإمام أحمد في المسند (وذكر السند) عن عمر رضي الله عنه أنه قال لكعب : أين ترى أن أصلي ؟ (يعني في المسجد الأقصى) قال: إن أخذت عني صليت خلف الصخرة فكانت القدس كلها بين يديك فقال عمر : ضاهيت اليهودية لا ولكن أصلي حيث صلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فتقدم إلى القبلة فصلى.. فعمر رضي الله عنه عاب على كعب الأحبار مضاهاة اليهودية أي مشابهتها في مجرد استقبال الصخرة لمشابهة من يعتقدها قبلة باقية وإن كان المسلم لا يقصد أن يصلي إليها، وقد كان لعمر رضي الله عنه في هذا الباب من السياسات المحكمة ما هي مناسبة لسائر سيرته المرضية، فإنه رضي الله عنه هو الذي استحالت ذنوب الإسلام بيده غربًا فلم يفر عبقري فريه حتى صدر الناس بعطن، فأعز الله به الإسلام وأذل الشرك وأهله وأقام شعائر الدين الحنيف، ومنع من كل أمر فيه نزوع إلى نقض عٌرا الإسلام مطيعًا في ذلك لله ورسوله .. مشاورًا في أموره السابقين الأولين .. حتى إن العمدة في الشروط على أهل الكتاب على شروطه، وحتى منع من استعمال كافر أو ائتمانه على أمر الأمة وإعزازه بعد أن أذله الله .. في خصوص أعياد الكفار من النهي عن الدخول عليهم فيها وعن تعلم رطانة الأعاجم ما يتبين به ثبوت قوة شكيمته في النهي عن مشابهة الكفار والأعاجم. 129- هل عمل الراوي بخلاف روايته يقدح في روايته؟ المشهور عن أحمد وأكثر العلماء لا يقدح لما تحتمله المخالفة من وجوه غير ضعف الحديث. 131- وأما ما في الحديث من النهي عن تغطية الفم فقد علله بعضهم بأنه فعل المجوس عند نيرانهم التي يعبدونها، فعلى هذا تظهر مناسبة الجمع بين النهي عن السدل وعن تغطية الفم بما في كل منهما من مشابهة الكفار، مع أن في كل منهما معنى آخر يوجب الكراهة ولا محذور في تعليل الحكم بعلتين.
132- عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذؤيب قال: دخلت مع ابن عمر مسجدًا بالجحفة فنظر إلى شرفات فخرج في موضع فصلى فيه ثم قال لصاحب المسجد: إني رأيت في مسجدك هذا يعني الشرفات شبهتها بأنصاب الجاهلية فمر بها أن تكسر. 133- وعن عبيد بن أبي الجعد قال: كان أصحاب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقولون : إن من أشراط الساعة أن تتخذ المذابح في المساجد يعني الطاقات. وما علمنا أحدًا خالف ما ذكرناه عن الصحابة من كراهة التشبه بالكفار والأعاجم في الجملة، وإن كان بعض هذه المسائل المعينة فيها خلاف وتأويل، وهذا كما أنهم مجمعون على اتباع الكتاب والسنة وإن كان قد يختلف في بعض أعيان المسائل لتأويل. 135- مما ذكره عن مذهب مالك أنه يكره ترك العمل يوم الجمعة كفعل أهل الكتاب ويوم السبت والأحد. وذكر كراهته للقيام للرجل وأنه ليس من فعل الإسلام. 136- وبالغ طائفة منهم أي الشافعية فنهوا عن التشبه بأهل البدع مما كان شعارًا لهم، وإن كان في الأصل مسنونًا كما في تسنيم القبور، فإن الأفضل تسطحبها عندهم فقالوا : ينبغي تسنيمها في هذه الأوقات لأن شعار الرافضة اليوم تسطيحها، ففي تسطيحها تشبه بهم فيما هو شعار لهم وقالت طائفة: بل نسطحها حتى لا يكون التسطيح شعارًا للرافضة قلت: وهذه المبالغة من بعض أصحاب الشافعي فيها نظر فالصواب أن لا تترك السنة من أجل أن بعض أهل البدع أو أهل الكفر عملوا بها لأن مصلحة العمل بها باقية وإن عمل بها هؤلاء.
|